معلّقة الأعشى
1 | ودِّع هريرةَ إنَّ الركبَ مرتحلُ | وهل تطيقُ وداعاً أيُّها الرجلُ |
2 | غرّاءُ فرعاءُ مصقولٌ عوارضها | تمشي الهوينا كما يمشي الوجيُ |
3 | كأنَّ مشيتها من بيتِ جارتها | مرُّ السحابةِ لاريثٌ ولا عجلٌ |
4 | ليست كمن يكرهُ الجيرانُ طلعتها | ولا تراها لسرِّ الجارِ تختتلُ |
5 | تكادُ تصرعها لولا تشدُّدها | إذا تقومُ إلى جاراتها الكسلُ |
6 | إذا تقومُ يضوعُ المسكُ أصورةً | والزنبقُ الوردُ من أردانها شملُ |
7 | ما روضةٌ من رياضِ الحزنِ معشبةٌ | خضراءُ جادَ عليها مسيلٌ هطلُ |
8 | يضاحكُ الشمسَ منها كوكبٌ شرقٌ | مؤزَّرٌ بعميمِ النبتِ مكتهلُ |
9 | يوماً بأطيبَ منها نشرَ رائحةٍ | ولا بأحسنَ منها إذ دنا الأُصُلُ |
10 | قالت هريرةُ لمّا جئتُ زائرها | ويلي عليكَ وويلي منكَ يا رجلُ |
11 | إمّا ترينا حفاةً لا نعالَ لنا | إنّا كذلكَ ما نحفى وننتعلُ |
12 | وبلدةً مثلِ ظهرِ الترسِ موحشةٍ | للجنِّ بالليلِ في حافاتها زجلُ |
13 | جاوزنها بطليحٍ جسرةٍ سرحٍ | في مرفقيها إذا استعضتها فتَلُ |
14 | بل هل ترى عارضاً قد بتُّ أرمقهُ | كأنما البرقُ في حافاتهِ شعلُ |
15 | لهُ ردافٌ وجوزٌ مفأَمٌ عملٌ | منطَّقٌ بسجالِ الماءِ متصلُ |
16 | لم يلهني اللهو عنهُ حينَ أرقبهُ | ولا اللذاذةُ في كأسٍ ولا شغلُ |
17 | فقلتُ للشربِ في درني وقد ثملوا | شيموا وكيفَ يشيمُ الشاربُ الثملُ |
18 | أبلغ يزيدَ بني شيبانَ مألكةً | أبا ثبيتٍ أما تنلكُّ نأتكلُ |
19 | ألستَ منتهياً عن نحتِ أثلتنا | ولستَ ضائرها ما أطَّت الإبلُ |
20 | كناطحٍ صخرةً يوماً ليفلقها | فم يضرها وأوهى قرنهُ الوعلُ |
21 | تغري بنا رهطَ مسعودٍ وإخوتهِ | عندَ اللقاءِ فتردي ثمَّ تعتزلُ |
22 | لا تقعدنَّ وقد أكَّلتها حطباً | تعوذُ من شرِّها يوماً وتبتهلُ |
23 | سائل بني أسدٍ عنا فقد علموا | أن سوفَ يأتيكَ من أنبائنا شكلُ |
24 | واسأل قشيراً و عبدَاللهِ كلُّهمُ | واسأل ربيعةَ عنّا كيفَ نفتعلُ |
25 | إنا نقاتلهم ثمَّتَ نقتلهم | عند اللقاءِ وهم جاروا وهم جهلوا |
26 | لئن قتلتم عميداً لم يكن صدداً | لنقتلن مثلهُ منكم فنمتثلُ |
27 | لئن منيتَ بنا عن غبّ معركةٍ | لم تلفنا من دماءِ القومِ تنتفلُ |
28 | لاتنهونَ ولن ينهى ذوي شططٍ | كالطعن يذهبُ فيه الزيتُ والفتلُ |
29 | حتى يظلَّ عميدُ القومِ مرتفقاًَ | يدفعُ بالراحِ عنه نسوةٌ عجلُ |
30 | أصابهُ هندوانيٌّ فأقصدهُ | أو ذابلٌ من رماحِ الخطِّ معتدلُ |
31 | كلاّ زعمتم بأنا لانقاتلكم | إنا لأمثالكم يا قومنا قتلُ |
32 | نحن الفوارسُ يومَ الحنو ضاحيةً | جنبي فطيمةَ لا ميلٌ ولا غزلُ |
33 | قالوا الطرادُ فقلنا تلكَ عادتنا | أو تنزلونَ فإنّا معشرٌ نزلُ |